هذه المرة بـ : قلمي . . والحبر جاف : ) .
حدثني ابا عثمان عن ابيه عن جده انه قال : نزلنا يوما عند قوم لنا يسكنون نجد .. وقد اهلكنا السفر
وتعبنا من الترحال . . قال : فقلت لأبي : رحمك الله لو جلسنا بمكة ! قال : نظر اليّ نظرة خلته انه يريد قطع لساني !
يقول : صمتنا . فبعد ان وصلنا للقوم سلمنا عليهم و قلنا : يا اهل نجد ان الأرض اجدبت .. قالوا : لا !
قلنا : ان الأرض تشتاق للماء شوق الأم لرضيعها .. قالوا : لا !
قلنا : اذا هذا سراب . قالوا : ربما .
قال الراوي : ثم قررنا اكمال المسيرة بإتجاه العراق طلبا للعيشة الهنية . . وبعد اشهر وصلنا لبغداد .. فإذا هي ليست بغداد . . واذا الناس ليسوا بالناس . . قال جده لأبيه : اذهب و استقص خبر القوم .. ما بالي لا ارى مساكنهم . . لا ارى قائدهم . . لا ارى الا حمرا مستنفرة !
قال : ذهب والدي يستقصي الأخبار . . قال : فعاد والدي . قال . قلت : اخبرني ماذا رأيت ؟ قال : اتيتك بخبر القوم يا شيخنا .
فإذا التحرك جمود .. واذا النار رماد .. حين قال بكل اسف : هؤلاء المسلمين ضيعوا اهل الإسلام بيد قوم يقال لهم الأمريكان .. وسقطت بغداد .. عاصمة البطولات .. مجد الحضارات .. ملتقى الأدباء و وطن الأباء .. قاطعني وقال : ولكنها قبلة الفتن يا ولدي .. قلت : فلتكن يا ابا عبدالله ولكنها مسلمة عربية . الا تكفي ان تسقط القدس ؟ مصر ؟ الرياض ؟ .
ثم مشينا قليلا في بغداد حينها شاهدت المنظر الذي قتلني و قتلني ثم اعاد قتلي .. قال الراوي : فإذا نحن سائرون نطلب الخبز و ( الفول ) والشاي .. اذ رأينا امرأة بغدادية كانت غنية .. كانت ثرية .. كانت عزيزة النفس قوية .. اوقفتنا على الطريق فقالت : ماء .. اريد ان اعيش ! قال : قلت : يا ابا عثمان غفر الله لك . اسقها الماء ! قال لا اجده و( صاح ) والله لا اجده ! قال : فرأينا مستنقعا والمرأة على وشك الهلاك .. قال : ذهبت اليه مسرعة تقول : الحمدلله الحمدلله ماء ماء !! ماكانت تدري او انها تدري ولكن لا تبالي بأنه غثاء .. زبد .. هراء .. ملطخ بالأوساخ والقاذورات التي تشبه وجه ذلك الأمريكي الذي يجلس هناك !
بعد ذلك بكيت وهممت ان اعود الى الحجاز وانشدت قائلا : في زمان الصقور صرنا حمام . . كيف يحيا مع الصقور حمام ؟! فقاطعني ابا عبدالله وقال : عفى الله عنك . . هلاّ انشدت غير هذا ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق